[size=18][b]
التدخل العنيف يوم السبت 8 يونيو 2008 بمدينة سيدي إفني يعتبر انتهاكا سافرا لحقوق الإنسان وعقابا جماعيا للسكان يفترض المساءلة.
عرفت مدينة سيدي إفني يومي 7 و8 يونيو الجاري أحداث عنف خطيرة ، تضاربت الأنباء حول الإضرار المادية و الاجتماعية و النفسية التي ألحقتها بالمواطنين و المواطنات بمختلف وضعياتهم الاجتماعية. وقد نددت هيئات مدنية و حقوقية و أحزاب سياسية بالعنف الممارس من قبل القوات العمومية و الاعتقالات التي طالت العديد من المواطنين و المواطنات، واستنكرت الأسلوب الذي استعمله رجال القوات العمومية ضد المواطنين والمواطنات في الشارع وفي قعر بيوتهم : الضرب المبرح بالعصي وكسر العظام، التحرشات الجنسية، تجريد بعض الضحايا من ملابسهم و لمس أطراف حساسة من أجساد بعض المعتقلات، استعمال عصا بدبر أحد المعتقلين و الإهانات اللفظية المشينة، وسرقة الممتلكات ونهب الحواسيب والهواتف والمجوهرات والأموال من البيوت.
بالمقابل نفى رئيس الحكومة، عباس الفاسي، وقوع أحداث في المنطقة في تصريح للقناة التلفزية الثانية ، و أنه ’’لم يكن هناك أي حدث في سيدي إيفني نهائيا ’’، ولكن ’’هناك من حين لآخر تعبير على مطالب من لدن العاطلين الباحثين عن الشغل’’. واعتبر الوزير الأول أن ذلك ’’يعني أن المغرب يعيش في حرية، وأن المغاربة أحرار في بلدهم’’. كما أقدم البرلمان على تشكيل لجنة للتقصي الحقائق. و تحدثت تقارير أخرى عن مشاركة 4000 من أفراد الأمن المنتسبين لمختلف الأجهزة الأمنية لتفريق المتظاهرين. في هذا السياق أوفد المرصد المغربي للحريات العامة فريق عمل للتقصي حول ما حدث.
منهجية و مصادر تحصيل المعلومات من قبل فريق المرصد المغربي للحريات العامة لتقصي الحقائق
توجه فريق عمل تابع للمرصد المغربي للحريات العامة إلى مدينة سيدي إفني خلال الأسبوع الماضي لإجراء بحث وتقصي حقيقة ما جرى يومي 7 و 8 يونيو 2008 بغية بلورة رأي مبني على أساس معطيات دقيقة و موضوعية.. و قد اعتمد الفريق في منهجية عمله على الركائز التالية:
1. التنوع في مصادر المعلومات: وذلك من خلال لقاءات مع بعض فعاليات سياسية وحقوقية، بعض ضحايا الأحداث، سكرتارية مطالب ساكنة سيدي إفني ، بعض المواطنات و المواطنين ضحايا الانتهاكات، بعض المعتقلين و المعتقلات المفرج عنه، لجنة الدفاع التي شكلتها هيئة المحامين بأكادير لمؤازرة المعتقلين.
2. افتحاص المعلومات و المقارنة فيما بينها:وذلك من خلال مقارنة المعطيات المأخوذة مباشرة من جهات متعددة مع ما تناقلته الروايات المختلفة و الإعلام الوطني والدولي.
3. تنوع الشرائح عمريا واجتماعيا: عمد المرصد في استقاء المعلومات بالتوجه إلى فئات اجتماعية وعمرية مختلفة: رجال نساء، شباب، مسنون، وكذلك أجانب يقطنون بالمدينة.
4. المعاينة و الاستماع المباشرين: وذلك من خلال تسجيل الشهادات بالصورة و الصوت و معاينة المنازل التي تم اقتحامها. 5. الالتزام بالموضوعية وذلك من خلال التدقيق في المعلومات عبر اللجوء إلى مصادر متعددة أحداث سيدي إفني رد فعل على عدم الوفاء بالالتزامات التي قدمتها السلطات المحلية للسكان:توفير الشغل والخدمات الاجتماعية الأساسية وتقريب الإدارة من المواطنين بادر سكان مدينة سيدي إفني سنة 2005 إلى تشكيل تنسيقية للدفاع عن مطالب ساكنة سيدي إفني تتكون من هيأت جمعوية ، حقوقية، نقابية و سياسية. توحدت حول مطالب محددة في : 1- تقريب الإدارة من المواطنين و المواطنات عبر إحداث عمالة بسيدي إفني
2- توفير الشغل للعاطلين عن العمل
3- إرجاع الأراضي التي تم توزيعها على بعض المستفيدين بدرهم و نصف كثمن رمزي لأجل إحداث مشاريع صناعية تستفيد منها المنطقة بعد إخلال المستفيدين بالتزاماتهم و أصبحوا يضاربون في تلك الأراضي
4- تمكين المواطنات و المواطنين من حقهم في الصحة
5- إقامة مشاريع صناعية في الميناء
كل هذا من اجل إثارة انتباه السلطات المحلية و المنتخبون إلى الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية المزرية التي يعيشونها، و كذلك تقديم اقتراحات للنهوض بمحيطها السوسيواقتصادي (السكن، الصحة، الماء الصالح للشرب ، الطرق ،..) و التخفيف من حدة الفقر و التهميش الذي يطال المنطقة. بعد مرور ثلاثة سنوات، وعدم تحقيق أي مطلب من المطالب المذكورة، وعدم التزام السلطات المحلية و المنتخبين بالوعود التي قدموها، وارتفاع حدة يأس العاطلين و فقدانهم الثقة في الجميع سلطات محلية و منتخبين دخل العاطلون عن العمل في اعتصام مفتوح في ميناء سيدي إفني ، و منعوا الشاحنات من إخراج السمك من الميناء من أجل الضغط. و طالبوا بحضور مسؤولين مركزيين للتفاوض معهم مقابل فك الاعتصام. و قد استمر الاعتصام من يوم الجمعة 30/05/2008 إلى يوم الجمعة 06/06/2008 مساءا حيث وصلت إلى المعتصمين أخبارا تفيد أن القوات العمومية ستقتحم الميناء و تعتقل المتواجدين به.
بالموازاة مع الاعتصام ، كانت تنظم مسيرات تضامنية مع المعتصمين تنطلق من وسط المدينة إلى الميناء بشكل سلمي و لم تسجل فيها أية حوادث.
ماذا جرى وكيف جرى؟
الجمعة 06/06/2008
بعد توصل المعتصمين بخبر التعزيزات الأمنية التي تتهيأ لدخول الميناء. انسحب المعتصمون من الميناء حيث بقي فقط ثلاثة أفراد، فيما اتجه الباقي إلى الجبل المحيط بالمدينة خوفا من اعتقالهم خصوصا و أن لائحة بأسماء المعتصمين كانت قد وصلت إلى السلطات. وقد تشكلت داخل المدينة لجن يقظة للإخبار بتحركات القوات العمومية داخل المدينة. في هذا اليوم تم اعتقال ثلاثة أفراد،
السبت 06/06/2008
حوالي السادسة و النصف صباحا، بدأت القوات العمومية مكونة من القوات المساعدة و قوات التدخل السريع في اقتحام الأحياء و المنازل، وقد استثنيت المنازل المتواجدة بحى الكاطع، ذلك أن باشا المدينة طلب عدم اقتحام البيوت المتواجدة بهذا الحي نظرا لأن أكثرية قاطنوه أجانب .و قد يترتب عن اقتحام هذه المنازل مشاكل معهم و مع الدول التي ينتمون إليها. و استمرت مداهمات المنازل و اعتقال المواطنات و المواطنين من داخلها و من الأزقة و الشوارع طيلة يوم السبت 8 يونيو 2008.
و حسب الإفادات و بعض الشهادات المصورة التي يتوفر عليها المرصد المغربي للحريات العامة ، فإن عملية الاقتحام و الاعتقال كانت تتم بشكل عشوائي و يتم ضرب كل من صادفوه بعنف مع استعمال الألفاظ النابية و التهديد بالاغتصاب و اتهام ساكنة سيدي إفني بكونهم لقطاء( أبناء الإسبان و أن نساءهن عاهرات...)
و حسب العديد من شهادات من قابلهم فريق المرصد المغربي للحريات العامة، تمت سرقة بعض المجوهرات و النقود و كاميرات التصوير و الهواتف النقالة و تكسير أبواب المنازل و الأثاث من طرف القوات العمومية و قد استعمل في هذا التدخل المقالع من طرف القوات المساعدة لرمي المنازل بالحجارة.
في حي كولومينا و بولعلام باعتبارهما أحياء محاذية للجبل وقعت مواجهات بين القوات العمومية و المحتجين، استعملت فيها الحجارة من طرف المحتجين في حين استعملت القوات المساعدة المقالع لرميهم بالحجارة و الرصاص المطاطي.
و حوالي العاشرة و النصف صباحا التحق أحد المسؤولين الأمنيين بالمحتجين المتواجدين بالجبل و طلب منهم أن يوقفوا المواجهات على أن يتم السماح لهم بتنظيم مسيرة احتجاجية سلمية بالمدينة. و توقفت المواجهات و انطلقت مسيرة سلمية ندد من خلالها المتظاهرات و المتظاهرون بالاقتحامات التي عرفتها المنازل، و طالبوا بإطلاق سراح المعتقلين و المعتقلات.
وعند وصول المسيرة إلى سوق المدينة تدخلت القوات العمومية بعنف كبير، و اعتقلت كل من استطاعت الوصول إليه سواء من المتظاهرين أو المارة .
وقد أكد عدد ممن تم اعتقالهم و إطلاق سراحهم فيما بعد عدم التزام القوات العمومية و المسؤولين الأمنيين بتطبيق الإجراءات القانونية الخاصة بتفريق المظاهرات ، إذ تم الهجوم على المتظاهرين دون إنذارهم .
كما تعرض المعتقلون و المعتقلات للضرب و هم في الطريق إلى مكان الاعتقال مع استعمال الألفاظ النابية و التجريح في حقهم. و صرح أحد المعتقلين المفرج عنهم أن أحد أفراد القوات العمومية كان يدخل العصا في دبره و هو في الطريق إلى مخفر الشرطة . و حسب إفادته فقد كان بالمنزل يتناول الفطور حين كسر أفراد القوات العمومية باب منزله و اقتحموه حيث اعتدوا عليه و على أسرته و سرقوا مجوهرات زوجته.
أماكن اعتقال و احتجاز غير قانونية وممارسة التعذيب
استعملت في البداية ثانوية مولاي عبد الله كمكان للاعتقال إلى أن احتج مدير الثانوية، حيث رابطت القوات العمومية بعد ذلك قربها، كما أن العديد من المؤسسات التعليمية خصوصا المدارس الابتدائية نزلت بها القوات العمومية . و قد أثرت هذه المسألة على إجراء الامتحانات حيث رفض الأساتذة تصحيح امتحانات الباكلوريا في ظل هذه الشروط غير الملائمة.
مخفر الشرطة تعرض المعتقلون بمخفر الشرطة للضرب بشدة دون الاستنطاق أو الاستماع بالنسبة للبعض ، استعمال الألفاظ البذيئة و تهديدهم جميعا بالاغتصاب.وقد كان رجال الأمن حاملين للائحة ينادون على الأسماء المسجلة بها ، و حين يجدون أحد أ من المسجلين باللائحة يضعون عصابة على عينيه و يذهبون به إلى الطابق الفوقي حيث يتم تعذيبه و استنطاقه من طرف لجنتين إحداهما يوجد من بين أعضائها باشا المدينة حسب بعض الشهادات. و تم وضع بصمات بعض المعتقلين على أوراق فارغة في حين أجبر البعض على التوقيع على محاضر لم يطلعوا عليها، بينما تم إطلاق سراح البعض الأخر دون توقيع على أية وثيقة .